وراء كل مشهد عظيم ممثل

السلام عليكم:
النجاح الساحق الذي حققه فيلم «The Dark Knight» قفز باسم بطله الراحل «هيث ليدجر» إلي أعلي الآفاق، ليس فقط لأن وفاته جاءت بسبب إفراطه في تناول المهدئات والمنومات بعد المجهود الشاق الذي بذله في دور «الجوكر» في الفيلم، فكان أن خرج الدور -كالفيلم كله- تحفة حقيقية، بل أيضًا لطبيعة المجهود نفسه الذي بذله «ليدجر» ليخرج الدور بهذه الصورة التي أثني عليها الجميع بدون استثناء،
ونادت بسببها أصوات كثيرة تطالب بترشيح الراحل الشاب لجائزة الأوسكار العام القادم. من أجل إتقان الدور، عاش «ليدجر» وحيدًا لمدة شهر في غرفة بفندق، ودرس طبيعة الشخصية بحركاتها وسكناتها، وتدرب طويلا علي الصوت ومخارج الألفاظ، واحتفظ بمفكرة يدون فيها مشاعر وأفكار «الجوكر»، مما أدي إلي حالة تقمص كامل للشخصية جعلت الممثل القدير «مايكل كين» يعترف بأنه أصيب بالخوف بالفعل من «ليدجر» في أحد المشاهد التي جمعتهما معًا، قبل أن يلي هذا اعترافًا آخر من «جاك نيكلسون» الذي كان قد لعب الدور نفسه في فيلم «Batman» عام 1989 بأن «ليدجر» قد لعبه أفضل منه بمراحل، ولنتذكر أن «نيكلسون» معروف عنه الغرور الشديد. أداء «ليدجر» كان رائعًا بالفعل، ومختلفًا عن أي شخصية شريرة ظهرت في تاريخ السينما كله، حتي إن البعض قد تمادي وقال إن الدور بصورته هذه كان يستحق الموت من أجله! لكن بالطبع لم يكن «ليدجر» أول من يبذل مجهودًا كهذا من أجل إتقان دوره، فعلي سبيل المثال، بذل زميله في الفيلم «كريستيان بيل» مجهودًا من نوع آخر في أحد أفلامه السابقة، وهو فيلم «El Maquinista» إنتاج عام 2004، ولعب فيه دور رجل يعاني من أرق دائم بحيث لم ينم مطلقًا منذ شهور طويلة، حتي أصبح نحيلًا كالهيكل العظمي، وخلال الشهور الأربعة السابقة للتصوير، اتبع «بيل» -النحيل أصلا- حمية قاسية للغاية فقد علي إثرها ما يقرب من الثلاثين كيلوجرامًا، وبدون أي خدع بصرية ظهر «بيل» في الفيلم كهيكل عظمي حقيقي! وبالطبع استعاد وزنه بعدها وأكثر كي يبدو جسده مناسبًا لشخصية «باتمان» في «Batman Begins» العام التالي.
أما «فيجو مورتنسن» فقد خاض مغامرة منفردة من أجل إتقان دور رجل المافيا الروسية في فيلم «Eastern Promises»، حيث سافر وحده إلي روسيا ليجوب شوارع موسكو وسانت بيترسبرج ومنطقة جبل الأورال في «سيبريا» لأسابيع بدون مترجم، ودرس أساليب العصابات هناك، وقرأ كتبًا عن ثقافة السجون الروسية، وحسن من اللكنة السيبيرية التي استخدمها في الفيلم، وهو ما عاد عليه بترشيحه لجائزة أوسكار أفضل ممثل هذا العام. وعلي عكس «كريستيان بيل»، قامت «تشارليز ثيرون» جميلة جميلات «هوليوود» بزيادة وزنها أكثر من عشرين كيلوجرامًا من أجل دورها في فيلم «Monster» المأخوذ عن قصة حقيقية للقاتلة المتسلسلة «أيلين وورنوس»، وظهرت في الفيلم بملامح قبيحة وجسد يعاني الكثير من التشوهات، وكانت النتيجة فوزها بأوسكار وجولدن جلوب وجوائز أخري كثيرة كأحسن ممثلة عن الدور الذي لعبته ببراعة. ولا ننس «ناتالي بورتمان» في «V for Vendetta» عندما حُلق شعرها كله بالفعل أثناء التصوير في مشهد التعذيب، وكانت دموعها في هذا المشهد حقيقية، مما أضفي علي الدور مصداقية كبيرة.

فعلا..ومشكور يا اخي

***وراء كل مشهد عظيم ممثل***

وراء كل مشهد عظيم ممثل